
عانت مصر منذ عام 2011 العديد من الأحداث بعد خلع الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك من رئاسة الدولة وحبسه في سجن طره.
توالت سلسلة حلقات القبض على رموز النظام ورؤوس الحزب الوطني الذي يتزعمه حسني مبارك حيث تم إعتقال نجليه وفتحي سرور وزكريا عزمي وصفوت الشريف وأحمد عز وحبيب العادلي وغيرهم من المسؤلين في الحزب الوطني والوزراء.
كثرت الإعتصامات وتزعّم حزب الإخوان المسلمين المشهد بعد ذلك وقادوا دفة المركب المصريه للإتجاه الذي أرادوه وأخيراً اعتلوا سدّة الحكم ونصّب الدكتور محمد مرسي كأول رئيس مصري منتخب للدولة المصرية.
وما إن وصل الدكتور محمد مرسي لكرسي الرئاسه حتى ارتكب نفس خطأ الرئيس الذي سبقه وهو محاولة تفرّد حزبه بالسلطه كما كان يفعل الحزب الوطني الأمر الذي جعل كل من كان معه ضد منافسه أحمد شفيق من الأحزاب الأخرى ينقلبون عليه ويعادوه أشدّ العداء عبر القنوات الفضائيه والبرامج الإخباريه وعبر المقالات الإجتماعيه في الصحف والمجلات.
وكلما عيّن الرئيس محمد مرسي مسؤولين في الحكومه من حزب الإخوان كلما اشتدت عدائيه معارضه الاحزاب الاخرى وبعض الإعلاميين الذين لاينتمون للأحزاب , ورغم أنه حقق بعض الإنجازات البسيطه والتي كان من الممكن تحقيق أكثر منها في حال تكاتفت معه جميع فئات الشعب إلا أنه أخطأ بعدم وضع تلك الأحزاب الأخرى تحت جناحيه وآثر التفرّد بحزبه فقط.
ومع شدّة المعارضه وقنواتها التي تتصل بجميع طبقات الشعب عبر شاشات التلفاز ومع تمادي أنصار الرئيس بمدحه ووصفه بما ليس فيه والغلو المبالغ فيه كوصفه بحفيد الصحابه وخامس الخلفاء الراشديه وغيرها من الاوصاف , أدّى لتهيّج الشعب ضد الرئيس المصري وسياسته الداخليه , وما زاد الطين بلّه هو ظهور فيديوهات تثبت أن الرئيس محمد مرسي لم يكن يحكم البلد ولم تكن له الكلمه الأولى والأخيره كمن سبقه بل كان يتخذ قراراته بناء على ماتقرره رئاسة حزب الإخوان المسلمين.
فخرج الشعب طالبا لإصلاحات داخليه أكثر ولم تستجب الحكومه فطالبوا بإقامه إنتخابات رئاسيه مبكره ولم تستجب الحكومه الأمر الذي فجّر الشارع المصري ضد الحكومه وكررت فعلتها السابقة بدعم الجيش وقيادته التي يترأسها عبدالفتاح السيسي الذي اعتبره الإخوان المسلمين قائد الإنقلاب على الشرعية التي يحظى بها الرئيس محمد مرسي.
وبعد الثوره الأخرى تكرر سيناريوا القبض على رموز النظام وتم حبس الدكتور محمد مرسي والقبض على خيرت الشاطر والمرشد العام لجماعه الإخوان المسلمين ( محمد بديع ) والعديد من الرموز والقيادات وكان آخرهم القيادي الإخواني صفوت حجازي وهو يحاول الهروب للأراضي الليبية.
وأغرب ماحدث مؤخرا هو الإفراج عن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك من السجن ووضعه تحت الإقامه الجبريه وتحت الحراسه وذلك بعد أن أنهى آخر حلقات سلسلة القضايا المرفوعه ضده والتي تمثلت في قضيه ( هدايا الأهرام ) وذلك بعد عمليه التصالح التي رد بموجبها حسني مبارك جميع الاموال والهدايا.
ومن الجدير بالذكر بأنه سجن على ذمه 3 قضايا رئيسية وهي الكسب غير المشروع، وقصور الرئاسة , وتهمه قتل المتظاهرين إلا أن الأخيره كان من الصعب إدانته بعد شهادة رئيس جهاز المخابرات عمر سليمان وقائد القوات المسلحة المشير حسين طنطاوي.
وماتزال مصر تعيش في حالة تخبّط سياسي مؤثرا على الإقتصاد والإنتاج وعلى الأوضاع الأمنيه في البلاد خصوصا العمليات الإرهابية الأخيرة في شمال سيناء وفي رابعة , ونتمنّى من أعماق قلوبنا أن تتوحد كلمه المصريين وأن تجتمع حول من فيه صلاح للبلاد واحوال العباد وفي جميع أرجاء أرض الكنانه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ويل للأمراء وويل للعرفاء وويل للعوانية فإنهم أقوام يعلقون من السماء بذوائبهم في القيامة، ويسحبون على وجوههم إلى النار، يودون لو لم يعملوا عملاً قط”
وقال عليه الصلاة والسلام: “ما من رجل ولي أمر عشرة من الناس إلا وجيء به يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه، فإن كان عمله صالحاً فكّ الغل عنه، وإن كان عمله سيئاً زيد عليه غل آخره”
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء حين يلقاه إلا من عدل وقضى بالحق ولم يحكم بالهوى ولم يمل مع أقاربه ولم يبدل حكماً لخوف أو طمع، لكن يجعل كتاب الله مرآته ونصب عينيه ويحكم بما فيه”